أيشويا Ushuaia آخر مدينة في العالم
لونك المفضل
الألوان

منتدى شملت والنيه اربد



كلمات دليلية:

أيشويا Ushuaia آخر مدينة في العالم Emptyأيشويا Ushuaia آخر مدينة في العالم

avatar
شملت والنيه اربد
المدير العام

المدير العام
 نُشر في السبت 7 مارس 2020 - 19:51

أيشويا Ushuaia آخر مدينة في العالم. الارجنتين 2018

سأتحدث هنا عن المدينة التي كانت منفى خطير للمساجين. و كيف أصبح هذا السجن ثروة سياحية.
أيشويا هي آخر مدينة في العالم وهي الأقرب للقطب الجنوبي. و هي المدينة الوحيدة التي رأيت فيها مطار مبني على شاطئ. وهو آخر مطار في العالم.
المدينة بحق من أجمل المدن وهي الوحيدة التي رأيتها التي فيها يلتقي البحر مع الغابة مع الجبل في عدة كيلومترات و الأغرب أنها جزء من صحراء باتاكونيا.
السكان هنا كحال كل الأرجنتين 99% أوربيين مع خليط قليل من اللاتينو. لكن يسكن المدينة عدد كبير جدا من الكلاب في كل مكان. لا أعرف السبب لكن هذا الأمر في عموم الأرجنتين.
لا أعرف إن كنت محظوظ أم أستحق ذلك أن كل مكان أذهب اليه يكون الطقس فيه جميل في أيام زيارتي. وهذا ما كان في الأربعة أيام في أشويا.
نشأت المدينة كسجن بلا أسوار لأن المكان بعيد ولا جدوى من الهرب. كانت سجن لأعتى المجرمين وكان المساجين يعملون بالتعدين و صيد حيوانات الفراء. ولم يكن شيئ غير السجن و المساجين. لكن شيئا فشيئا أصبحت تستقطب السكان لأجل ثرواتها . كذلك منذ سنين مضت أصبحت المنطلق الأول للمغامرين الذين يحبون الإبحار في قنوات ماجلان. و مستكشفي القطب.

لم أرى في حياتي سجن يتحول لمتحف مع الإحتفاظ بشكل السجن الاصلي في أحد الطوابق. يعرض السجن تأريخ المدينة و أهم المستكشفين في هذه البقعة النائية من العالم. كذلك قصة حياة بعض المساجين المشهورين.
السجن هو أيقونة المدينة.
كان السجناء يلبسون الملابس المخططة الصفراء و السوداء. كان هناك في محل التذكارات تيشيرت سجناء مكتوب عليه أنني سجين في أشويا. كعادتي فإنني أحب الشيئ غير المألوف. كنت ألبس هذا التيشيرت في المدينة وكان الناس يبتسمون لي و يجدونها فرصة للحديث و حالما يعرفون أنني من العراق فإنهم يأخذون سيلفي معي لأنهم فعليا لا يرون غرباء لأنهم في أقصى زاوية في العالم.

هنا سكة قطار تسمى قطار نهاية العالم Tren del fin del monde وهذا القطار مازال يخدم لأغراض سياحية ليطوف بالسواح على أماكن أجمل من الجمال نفسه.
في محطة قطار نهاية العالم كان هناك مصورين يلتقطون الصور للسواح وهم بهيئة المساجين لقاء ثمن. عندما كنت بملابس السجناء كانت الناس تطلب مني التصوير معها. اقترب مني المصور وقال بأنني أفسد عليهم عملهم. قلت له خذ صورة معي و سأغير ملابسي.
القطار كان يذهب بنا الى محمية تييرا ديل فويغو.أي بلاد النار و هي ذات حكم ذاتي.

من ضمن حظي الجيد أنني في رحلة القطار في محمية Tierra del Fuego رأيت الثعلب الذهبي النادر. أخبرني الدليل السياحي أنه يقضي 250 يوم هنا و كل سنة يراه مرة واحدة فقط.
مع الأسف أخذت صور كثيرة مثيرة للاهتمام في هذه المحمية لكن الصور ضاعت. الأشجار هنا قليلة و ميتة و لا يوجد حيوانات كثيرة و السبب هو جشع الإنسان. في سنة 1920 جلبت الحكومة الأرجنتينية حيوان القندس من نيو يورك لتربيته في هذه المناطق و الاستفادة من فرائه الثمين كدخل قومي. لكن لعدم انخفاض درجة الحرارة كثيرا مثل نيويورك فإن القندس لم يكن بحاجة لفراء كثيف لذا فإن فراءه بلا قيمة. و لعدم صيده تكاثر ولم يكن له أعداء في هذه البيئة. أخذ يقطع جذورالأشجار ليبني بيوته و كذلك ليصنع سدود للمياه. الأشجار ماتت و مات معها طيور كثيرة مستوطنة. ولأنه يتغذى على السمك فإن حيوانات بن عرس ماتت جوعا بسبب استحواذ القندس على كل الطعام. كذلك انقرضت انواع عديدة من الأسماك لأن القندس أكلها. منذ الخمسينات تحاول الحكومة الأرجنتينية القضاء على القندس ولكن كل المحاولات فشلت. الطبيعة تعيش بتوازن قلق ينشأ في آلاف السنين وأي تلاعب بالمكونات يسبب بكارثة بيئية. ليست فقط الزلازل و الفيضانات و البراكين كوارث. سنة ٢٠١٩ ارادت الارجنتين قتل ١٢٥ ألف قندس لكن التكلفة كانت ستكون ٥٠ مليون دولار. ألغت المشروع. أحرق سائح اسرائيلي لعين متعمدا الغابة ليذهب ضحيتها آلاف الاشجار ضمنها ٥٠ نوع نادر . عوضت اسرائيل بزرع مئة ألف شجرة.

تمشيت كثيرا في هذه المدينة وكنت مستمتع جدا. من أكثر الأمور غرابة هو الحلاق المتجول الذي يحلق الناس تحت المطر في الشارع. لا يحتاج لتبليل شعرهم فهو أصلا مبلل. لم أعرف سبب وقوف الناس في طابور لحلقهم وهم يحملون مظلات. لو عرف السبب بطل العجب. لكن العجب لم يبطل بعد.
الناس هنا سعداء و مرحين و يملكون عقلية أهل المدينة الفاضلة. الكل يبدو عليه الطيبة والبساطة. لا يمتلكون عقد كما يبدو من ملابسهم. يتفاوتون كثيرا بمستوى معيشتهم.

عندما جاء المستكشفون الغربيون و هم علماء و معهم مبشرين أرادوا تحويل السكان البدائيين من اللاتينو (وهم سلالات من الهنود الحمر) الى ناس متمدنين و مسيحيين مؤمنين من وجهة نظرالانكليز. أخذوا أربعة أشخاص بعمر 14 سنة من بينهم فتاة الى لندن ليعلموهم المدنية و ليكونوا مثال راقي. و بدورهم سيعلمون الآخرين مبادئ المسيحية. مات أحدهم في لندن و بعد أربع سنوات أرجعوهم لقريتهم. ما أن وصل الثلاثة الى قريتهم نزعوا ملابسهم و سجدوا لنوع من الآلهة وأخذوا القارب للصيد وليس دخول المطبخ لتحضير الشاي الإنكليزي مثلما علموهم. بهت الانكليز و غضبوا لضياع مجهودهم. أطلقوا النار على الثلاثة و أحرقوا القرية بمن فيها بايعاز من القس بإعتبار أن مشيئة ألله لا تريدهم أن يعرفوا طريق الإخلاص. بعدها اصبح صيد السكان الأصليين نوع من الرياضة. انقرض السكان الاصليين بغضون سنتين مع أنهم كانوا متأقلمين مع البيئة وكانوا بارعين في الصيد. و يقال أنهم مازالوا بسكنون في القطب الجنوبي تحت الأرض لأنها دافئة.

فوق المنطقة يوجد فتحة طبقة الأوزون. الخراف هنا تصاب بالعمى و الناس تعاني أمراض جلدية. بسبب وجودي لفترة طويلة تحت أشعة الشمس شعرت بتغيير كبير و قد احترقت بشرتي.
remove_circleمواضيع مماثلة

اعلانات نصية