نُشر في السبت 19 نوفمبر 2011 - 4:25
حفظنا لكم أموالكم وغزلنا أثوابكم وربينا لكم أولادكم، أفنشارككم في الأجر والخير( )....، وكذلك عائشة رضي الله عنها كانت أيضاً لا تسمع شيئاً لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه( ).
(5) تقول أم عطية الأنصارية رضي الله عنها: أمرنا رسول الله أن نخرجهن في الفطر والأضحى: "العواتق والحيض وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين..."( ).
نجد النبي يسنُّ للنساء سُنّة، وهي شهود مجامع الخير حتى يتعلمن ويتزودن منها، ولا يخفى ما في هذا الأمر من التكريم للمرأة والعناية برفع مستواها العلمي وحثها على الخروج لشهود مجامع الخير العظيم.
ونظراً لاهتمام الإسلام بالعلم وحرصه على طلبه، فإننا نجد أن تاريخ التربية الإسلامية حفل بأمثلة كثيرة عن طالبات العلم، والمتعلمات حتى برزن في شتى المجالات العلمية. ولم تكتفي المرأة المسلمة بطلب العلم، بل كنّ يعلِّمن غيرهنّ، حتّى أنّ بعض مشاهير العلماء كانت من بين قائمة شيوخه امرأة، مثل الخطيب البغدادي وغيره. ويبدو أنّ أقدم غشارة وردت في تعليم المرأة في الإسلام، هي تعليم الشفاء بنت عبدالله العدوية القرشية، من أوائل المهاجرات، حيث علّمت حفصة أم المؤمنين الكتابة بأمر النبي وأمر أن تستمر في تعليمها حتى بعد زواجه منها( ).
المبحث الثاني
واقع تعليم المرأة
بُعيد الغزو العسكري للعالم الإسلامي، حلّ محلّه الغزو الفكري، ليلعب دوره المرسوم، لأجل مواصلة الهيمنة الغربية على مقوّمات الأمّة الإسلامية، المادية والمعنوية. وباشر علماء التربية الغربية (وغالبيتهم من اليهود)، يساعدهم في ذلك تلامذتهم من علماء الشرق، في رسم الأهداف، وبلورة المناهج التي تحقق أهداف الغرب في مسخ هويّة الأمّة، وتحطيم كيانها، وكان نصيب المرأة المسلمة من هذه الهجمة الفكرية، أنّ تعليمها أصبح على النمط الغربي، سواء ما يتعلق بحالة التعليم البعيدة عن ضوابط الشريعة، أو مناهجه التي وُحّدت تحت مظلتها حاجة المرأة والرجل على حدّ سواء.
يقول دولة الأستاذ سعد جمعة في كتابه "أبناء الأفاعي" ص160، حيث ينقل عن بروتكولات حكماء صهيون "وعلينا أن نبدأ بالجامعات فتقضى أساليب التعليم من أساسها، ونهيئ الأساتذة وفق برامج سرية، ونقذف العالم كل سنة بألوف من المخنثين اللاهين برعونة وراء الخيالات".
لقد كانت ثمرة هذه السياسة التعليمية، أن وُجد جيل جديد من النساء فقدن كثيراً من خصائص الأنوثة، وأصبحت المرأة في المكتب والمصنع والمعمل والمتجر تقاوم ضعفها وعجزها لتحصل على لقمة عيشها.
لقد تلقينا سياستنا التعليمية من الغرب، وسعينا في تطبيقها، فكان إنحرافنا في الأهداف والمناهج، وفي أنظمة المؤسسات، بعد أن اكتفينا ببعض التعديلات اليسيرة، التي لم تغيّر من جوهر الاقتباس، حتَى كان نتاج تعليم المرأة، أنّها أصبحت للمجتمع لا للبيت، وللمؤسسات العامّة أكثر من أن تكون للمؤسسات التي تتناسب مع أنوثتها وخصائصها.
إذن لا شيء عندنا إسمه مناهج تعليم المرأة، ولا شيء عندنا إسمه مؤسسات تعليم المرأة، بل كل ما عندنا مناهج تعليمية عامة، ومؤسسات تعليمية عامة، وإن كانت بعض البلدان اليسيرة أفردت مؤسسات تعليم المرأة عن غرها، مراعاة لخطر الاختلاط، دون مراعاة لحاجة المرأة للمناهج والتخصصات. ومع ذلك فلم يكن الحال بالمستوى التربوي المطلوب.
انعكاس الغزو الفكري على تعليم المرأة:
لقد أحدث الغزو الفكري للعالم الإسلامي، انقلاباً جذرياً في تربية أجيالها، وانتشرت المدارس التبشيرية، وكثرت الإرساليات إلى البلاد الإسلامية، وجاء المستعمر بنظم ومناهج وعلوم غير تلك التي كانت تدرس في المساجد، أو في المعاهد والمدارس الإسلامية.
وفي منتصف القرن التاسع عشر الميلادي أصبحت هناك شبكة واسعة من المدارس في البلاد العربية والإسلامية ولاسيما في مصر وسورية وتركيا، نتيجة لجهود جمعيات تبشيرية مسيحية مختلفة، وربما أكثرها عدداً المدارس الفرنسية ثم تلتها المدارس الأمريكية والإيطالية واليونانية. وكانت المرأة المسلمة من بين الأهداف التي قصدها الغزو الفكري، فقد قالت المبشرة أنا ميلغان: "في صفوف كلية البنات في القاهرة بنات آباؤهن باشوات وبكوات، وليس هناك مكان آخر يمكن أن يجتمع فيه مثل هذا العدد من البنات المسلمات تحت النفوذ المسيحي، وليس هناك طريق حصن الإسلام أقصر مسافة من هذه المدرسة"( ).
وصرح [جب] في كتابه "إلى أين يتجه الإسلام" بقوله: "والسبيل الحقيقي للحكم على مدى التغريب أو [الفرنجة] هو أن نتبين إلى أي حد يجري التعليم على الأسلوب الغربي، وعلى المبادئ الغربية، وعلى التفكير الغربي، والأساس الأول في كل ذلك هو أن يجري التعليم على الأسلوب الغربي، وعلى المبادئ الغربية وعلى التفكير الغربي.... وهذا هو السبيل الوحيد، ولا سبيل غيره، وقد رأينا المراحل التي مر بها طبع التعليم بالطابع الغربي في العالم الإسلامي ومدى تأثيره على تفكير الزعماء المدنيين وقليل من الزعماء الدينين( ).
ويذكر محمد محمد حسين أن القائد الفرنسي الجنرال [بركلير] عن وسائل التأثير الفرنسي في الشام قبل احتلالهن فقال: "التربية الوطنية كانت بكاملها تقريباً في أيدينا، وفي بداية حرب 1914 كان أكثر من إثنين وخمسين ألف تلميذ يتلقون دروسهم في مدارسنا، وكان من بين هؤلاء فتيان وفتيات ينتمون إلى عائلات إسلامية عريقة، إن مؤسساتنا تعمل دون ملل لتغذية النفوذ الفرنسي في القاهرة والقدس والموصل وغيرها من الأقطار العربية( ).
وكانت خطورة المناهج الغربية تكمن في أن نتاجها التربوي المتمثل في إعداد جيل المثقفين لا زال يعاني من اضطراب فكري وعقيدي، إذ أنه يؤمن بالقيم والمفاهيم الغربية بعيداً عن روح الإسلام.
ويذكر كل من جريشة والزيبق زعيم المبشرين النصارى "زويمر" قال وهو على جبل الزيتون في القدس إبان الاحتلال الإنجليزي لفلسطين سنة 1354هـ/1935م: "لقد قبضنا أيها الإخوان في هذه الحقبة من الدهر من ثلث القرن التاسع عشر إلى يومنا هذا على جميع برامج التعليم في الممالك الإسلامية وإنكم أعددتم نشئاً في ديار المسلمين لا يعرف الصلة بالله، ولا يريد أن يعرفها وأخرجتم المسلم من الإسلام، ولم تدخلوه في المسيحية وبالتالي جاء النشئ الإسلامي طبقاً لما أراده له الاستعمار المسيحي، لا يهتم بالعظائم ويحب الراحة والكسل ولا يعرف همه في دنياه إلا في الشهوات فإذا تعلم فللشهوات، وإذا جمع المال فللشهوات وإن تبوأ أسمى المراكز ففي سبيل الشهوات يجود بكل شيء"( ).
إن تبني المناهج الغربية في تعليمنا المعاصر يعني فصل الدين عن الإسلام وقيمه وروحه، وهذا يؤدي إلى عزلها عن مقوماتها الأساسية، حيث أن التربية لاإسلامية تقوم أساساً على بناء الشخصية الإسلامية وفق إطار العقيدة. وتكمن مشكلة المناهج المقتبسة في مناهجنا، أنّ جزءاً كيراً منها قام بتدوينها أناس لا يؤمنون بالله ورسوله، ولذلك دونوها بطريقة تبعث بالفكر الالحادي.
وللأسف يوم أن جرى تدوين تلك المناهج لم يكن عندنا يومها بديلا إسلاميا، وخاصّة في علم الاجتماع والاقتصاد والنفس وغيرها، ومن ثم درس طلابنا منذ نشأة الجامعات الفكر الغربي، ونقلت إليهم نظريات العلماء الغربيين على أنها مسلَّمات علمية، وهكذا درس طلابنا وطالبتنا أفكار سانسيمون وأوجست كونت ودوركايم وفرويد وماركس( ).
ومن خلال ما سبق نستنتج ما يلي:
1- تهدف المناهج الغربية إلى تكوين الإنسان العلمانيو انسجاماً مع فلسفتهم، الذي يهتم بالعلوم والثقافة الغربية أكثر من اهتمامه بدينه وعقيدته، وبالتالي يكون انتماءه للفكر الغربي أكثر من انتماؤه فكره الإسلامي الأصيل.
2- جعل المقصود من التعليم هو تكوين الإنسان الموظف، فهي تعد الإنسان ليكون موظفاً في الدولة، وبالتالي فحين تدرس الطالبة تكون مهيأة بعد دراستها لتدخل الوظيفة مثل زميلها الرجل وبذلك تنتهي من أن تباشر مسؤوليتها الكبرى في تربية أطفالها فهي لا تراهم إلا للحظات خاطفة تكون خلالها مرهقة الجسم خائرة القوى متوترة الأعصاب مزعزعة العقيدة.
3- تم إهمال الجانب العملي التطبيقي حتى يتخرج جيل يحفظ معلومات ولا يوظفها وإن وظفها يكون في المجال غير الصحيح.
4- تم التركيز على الاتجاهات والقيم في المناهج المغايرة لعقيدة المجتمع الإسلامي وتفريغ المناهج من القيم والاتجاهات الإسلامية.
الاختلاط في التعليم الجامعي:
نعني بالاختلاط، اجتماع الرجال بالنساء غير المحارم في مكان واحد يمكنهم فيه الاتصال فيما بينهم بالنظر أو الغشارة أو الكلام أو البدن من غير حائل أو مانع يدفع الريبة والفساد( ) والغاية من منع الاختلاط لتجنّب تعريض الجنسين للفتنة، والحفاظ عليهما من أن يقعا في الفحشاء والمنكر.
وفي مرحلة التعليم الجامعي يكون النضج والبلوغ لدى الجنسين قد حصل، بل يكون في أوج الشدّة، فتكون المفسدة، ففي سن المراهقة، وتحت مظلّة الاختلاط، ينطلق الطلاب من كلا الجنسين إلى تبادل النظرات المسمومة والكلمات الداعية إلى الفجور، ونحن نشاهد النتائج الخطيرة لهذا الاختلاط في هذه المرحلة والمفاسد التي عمّت، مما وضع العالم أمام مشاكل أخلاقية واجتماعية خطيرة يكاد يستعصي حلها، وأمراض فتاكة استعصى على الطب علاجها.
لقد أدرك علماء التربية الإسلامية خطر الاختلاط في التعليم، فذهب القابسي إلى منع الاختلاط بقوله: "ومن حسن النظر لهم ألا يخلط بين الذكران والإناث"( )، كما كره ابن سحنون أن يتولى المعلم خلط الأناث مع الذكور في التعليم، فأشار إلى ذلك بقوله: "أكره للمعلم أن يعلم الجواري ويخلطهن مع الغلمان، لأن ذلك فساد لهن"( ).
إنّ الإسلام حريص على منع حدوث الاختلاط بين الجنسين، لما في ذلك من أضرار اجتماعية وأخلاقية، فالإسلام عالج الأمر قبل أن يقع، وأوجد البيئة الصالحة. فالاختلاط يؤدي إلى العمليات النفسية الثلاث التالية: الإدراك والوجدان والنزوع. ففي الاختلاط يتعرف كل جنس على الجنس الآخر ويدرك المفاهيم والمفاتن ثم يحدث عند كلا الجنسين الوجدان أي الأثر النفسي والأشواق والميول، فإما يكبت هذه المشاعر وهذا ضرر وإما أن تتحقق العملية الثالثة وهي النزوع أو الفعل وهذا أيضاً ضرر؛ لذلك عالج الإسلام هذه العملية بمنع الإدراك أي منع الاختلاط ففي القرآن الكريم دلّت بعض الآيات على ذلك، منها قوله تعالى: وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة، وأطعن الله ورسوله، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا * وأذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا( ). حيث أمر الله أمهات المؤمنين، وجميع المسلمات والمؤمنات مشمولات بهذا الأمر، بالقرار في البيوت لما في ذلك من صيانة لهن وإبعادهن عن وسائل الفساد، لأن الخروج لغير حاجة قد يفضي إلى التبرج والاختلاط( ). وكذلك في قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستثنسين لحديث أن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق، وإذا سألتموهن متاعاً فسئلوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن( ). دليل على نهي المؤمنين من أصحاب النبي من الدخول على بيوت النبي إلا بعد أن يُؤذن لهم، وكذا منعم من سؤال نساء النبي إلا من وراء حجاب، ولعلّ الحكمة من ذلك: حتى لا يطلع الأجانب على نساء النبي ، وإباحة الاختلاط يتنافى مع هذه الحكمة، ولو كان الاختلاط مباحاً، لما أمر الله بمنع دخول بيوت النبي بدون إذن، أو سؤال نسائه بدون حجاب. وإذا كان هذا الأمر مع نساء النبي ، وهن العفيفات، العابدات، الراكعات، اللاتي بلغن منزلة فائقة في الدين والتقوى( )، فالمسلمات الأخريات أولى بالاتباع والانقياد لحكم الله سبحانه وتعالى( ).
كما وأمر الباري عزّ وجل عباده بغض النظر وحفظ الفرج، فقال: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم، إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن( ). ومعلوم أنّ الاختلاط في التعليم، وفي ميادين العمل، فيه مظنّة كبيرة للوقوع في هذه المحرّمات.
كما وردت إشارات كثيرة في السنّة النبوية تدلّ على حرص الإسلام على سد ذرائع الشيطان ومكائد الفتن، وذلك بتحريم ما يؤدي إلى الاختلاط المحرم من كشف العورة، أو التبرج، أو أي وسيلة أخرى غير مشروعة. قال رسول الله : "لا يخلوَن رجل بامرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله امرأتي خرجت حاجّة واكتُبِبْتُ في غزوة كذا وكذا، فقال ارجع فحج مع امرأتك"( ). وفي هذا الحديث، نهى النبي أن ينفرد الرجل بامرأة أجنبية لم يكن معها محرم، من زوج أو أب أو أخ. وهذا ما يدل عليه منطوق الحديث، والنهي يفيد التحريم( ). وقال أيضاً: "إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو، فقال: الحمو الموت"( ). وفي هذا الحديث يحذّر النبي الأجانب من الدخول على النساء، وما ذلك التحذير إلا لمنع الخلوة والاختلاط.
والحمو أخو الزوج وقريبه( ) والخوف من الحمو بهذا النهي جاء لأن الخوف منه أكثر من غيره، والشر يتوقع منه، والفتنة أكثر، لتمكنه من الوصول إلى المرأة، والاختلاط بها، والخلوة بها من غير أن يُنكر عليه بخلاف الأجنبي( ).
فهذا الحديث الذي يتضمن منع الدخول على النساء الأجنبيات فإنه يتضمن منع الخلوة والاختلاط بهن بطريق أولى.
المبحث الثالث
المنهاج التعليمي
المنهاج لفظه قرانية تعني الطريق الواضح قال تعالى لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا( ). والمنهاج الطريق الواضح البين( ).
وقد نقل معنى المنهاج إلى مجال التربية ليشير إلى المنهج الذي يجب أن يتبع لبلوغ الأهداف التربوية التي تتطلع المؤسسة التربوية إلى تحقيقها( ).
ولقد تطور مفهوم المنهاج ضلال القرن الأخير ولعل هناك أسباب وعوامل أدت لهذا التطور نذكر على سبيل المثال:
1- المطالب المتغيرة للمجتمع.
2- الحاجة لربط الدراسات الرسمية المدرسية بحياة المتعلم اليومية.
3- التغير الذب طرأ على أهداف التربية.
-4 التغير الثقافي الناشئ عن التطور العلمي والتكنولوجي والذي غير الكثير من القيم والمفاهيم الاجتماعية.
5-طبيعة المنهج التربوي نفسه فهو يتأثر بالتلميذ والبيئة والمجتمع والثقافة والنظريات التربوية( ).
ومن خلال عرضنا لنماذج من تعريفات المنهاج عند علماء التربية سوف نرى أنه رغم وجود عناصر متشابهة في هذه التعريفات إلا أنها تختلف من حيث التركيز على الوظيفة الأساسية للمنهج:
1-إن مفهوم المنهاج غالبًاًَ ما يعني المواد الدراسية المنفصلة التي يقوم المعلمون بتدريسها ويعمل التلاميذ على تعلمها في المعاهد والجامعات فإن مفهوم المنهج يدل على مجموعة المواد أو المساقات المطروحة( ).
وهذا التعريف يشكل المفهوم التقليدي للمنهاج.
2- أما المنهاج بالمفهوم المعاصر الحديث فله عدة تعريفات منها( ):
أ-أنه يمثل الخبرات التي يمر بها التلاميذ تحت إشراف المدرسة.
ب-أو هو مجموعة الخبرات المربية التي تهيئوها المدرسة للتلاميذ تحت إشرافها بقصد مساعدتهم على النمو وعلى تعديل في سلوكهم.
ج-أو هو الأهداف أو الغايات المراد الحصول عليها والوسائل التي يتم بواسطتها تحقيق هذه الأهداف.
وعرف المنهاج في قاموس التربية وعلم النفس التربوي على أنه:
1-مجموعة نظامية من الدروس الأكاديمية أي النظرية التي إلى الحصول على شهادة في حقل معين من حقول المعرفة.
ب-تصميم شامل لمحتويات المواد التعليمة التي تصفها المدرسة كي تعد الطلبة للتخرح( ).
يتضح من ذلك أن التربويين يختلفون فيم بينهم في درجة تحديدهم لمفهوم المنهج لإعطاء صور أكثر وضوحا لهذا المفهوم وكلهم يؤكدون على أهمية الخبرات التي يمر بها المتعلمون من أجل تعديل سلوكهم( ).
وعلينا أن نؤكد أن كل نشاط موجه تقوم به المدرسة وتشرف عليه هو جزء لا يتجزأ من المنهاج المدرسي ويخطئ من يعتقد أن المنهاج هو المعلومات التي يتضمنها الكتاب المدرسي فقط( ).
3-المنهاج الإسلامي في التربية الإسلامية.
المنهاج من وجهة نظر علماء التربية المسلمين هو مجموعة المعارف والقيم الخالدة والمكتسبة التي يتفاعل معها الطلبة تحت إشراف المدرسة المؤسسة التعليمية)بقصد إيصالهم إلى كمالهم الإنساني المتمثل في العبودية لله سبحانه وتعالى بإتباع طرق تدريس وطرق تقويم ملائمة( ).
نلاحظ من خلال هذه التعريفات أن مفهوم المنهاج قد تأثر بدرجة كبيرة بمفهوم التربية فكانت التربية الإسلامية تهدف لتنمية جميع جوانب الشخصية الإنسانية وإيجاد الإنسان الصالح العامل لخير الإنسانية جمعا وإيصاله إلى كماله الإنساني بعبوديته الخالصة لله تعالى فكذلك المنهاج يسعى لتحقيق هذه الأهداف والغايات.
عناصر المنهاج ومكوناته:
تشمل بنية المنهاج كما لاحظنا غي التعريفات السابقة في أربعة عناصر أساسية متراطبة، يؤثر كل منها في الآخر ويتأثر به، وهي:
1-الأهداف.
2-المحتوى.
3-الأساليب والأنشطة(طرق التدريس)
4-التقويم
وفيما يلي عرض موجز لكل عنصر هذه العناصر( ).
1-الأهداف
وهي أول تلك المكونات والعناصر وتمثل نقطة البداية لعمليات المنهج المدرسي سواء ما يتصل منها بالناحية التخطيطية أو ما يتصل بالناحية التنفيذية
.وهناك مستويات للأهداف بمعنى أن عناك أهداف لعملية التربية كلها وأهداف لكل مرحلة تعليمية وأهداف لكل صف دراسي هذه بإضافة إلى أن المعلم في كافة المواقف التعليمية يتبنى أهدفاً معينة( ).
2-المحتوى والخبرات:
هو نوعية المعارف التي يقع عليها الاختيار والتي سيتم على نحو معين هذا بالإضافة إلى أن المعارف والحقائق المختارة ليست سوى وسيلة لبلوغ الأهداف المحددة للمنهج( ).
3-الأساليب والأنشطة (طرق ووسائل التدريس):
الوسيلة التعليمية جزءاً من الإمكانيات التي يستطيع المعلم توفيرها في الموقف التعليمي ولذلك بعد أداة المعلم يوفرها المعلم بعد التأكد من صلاحيتها للاستخدام.
أما الطريقة فهي الإجراءات التي يتبعها المعلم لمساعدة تلاميذه على تحقيق الأهداف( ).
4- التقويم:
تعتبر عملية التقويم من العمليات الأساسية التي يحتويها أي منهج دراسي وهي تجري على نحو متواز مع بعض العمليات التخطيطية وبعض العمليات التنفيذية.
خصائص المنهاج الإسلامي.
المنهاج الإسلامي في التربية يجب أن يكون منبثقاً من فكر الأمة وعقيدتها ومن مفهوم الأمة الإسلامية الواحدة يوجد الأمة المتحابة في الله والتي تسعى إلى حمل رسالة الإسلام للعالمين وعليه يجب أن يبرز المنهاج الإسلامي شخصية الأمة الحضارية وإنجازاتها وإسهاماتها في الحضارة الإنسانية فيكون منهاج فكر ودعوة ورسالة يكون ولاء الفرد المسلم للعقيدة والعمل مع الآخرين حكاماَ ومحكومين في سبيل إزدهار الحضارة الإسلامية( )..
وإن خصائص المنهاج لهدف التربية الإسلامية هي أبرز سمات الإنسان والصالح الذي تسعى التربية الإسلامية لإيجاده في واقع الأرض ومن أبرز هذه السمات والخصائص( ).
1- أن يكون محققا لهدف التربية الإسلامية الأساسي إخلاص الطاعة والعبادة لله تعالى.
2-أن يكون مجموعة ونظامة سليماً من التعارف موجهاً وجهة إسلامية واحدة أي يجب أن تصدر جميع المنهاج للمراحل المختلفة عن أصل واحد هو أن العالم ملك لله والناس فيه عباد لله سبحانه تعالى.
3-الواقعية والمثالية, بحيث يمكن نقله من حيز التطبيق والمناهج الواقعية هي التي تتصف بالمرونة والقدرة عل تلبية متطلبات العصر بعيداً عن الجمود والركود على المنهاج القديمة دون تحديد أو تغيير.
4-أن يكون فعالا يعطي نتائج تربوية سلوكية ويعني بالجوانب الإسلامية السلوكية العلمية كالتربية على حب الجهاد ونشر الدعوة
5-أن يكون موافقا للفطرة الإنسانية التي فطر الناس عليها يعمل على تزكيتها وحفظها وسلامتها من الإنحراف.
6-الشمول والتكامل.
7-التوازن.
8-الإيجابية السوية.
إن التربية الإسلامية تتطلب منهاجاً مترابطاَ مملوءا بالنشاطات المحققة لأهداف هذه التربية المنطوية تحت راية الإسلام المنضبطة بضوابطها على أن يكون هذا المنهج محققا في ترابطه ونوعيته ومواده شروط المنهج التربوي الإسلامي ولذلك فإن نجاح التعليم في أي بلد يتوقف على نوعية المناهج المقررة في المؤسسات التعليمية وإن فشل المناهج التربوية في تلك التي تمتاز بالعمق والأصالة( ).
الفصل الثاني
الاختلاط في التعليم الجامعي وأثره على الفتاة المسلمة
المبحث الأول: واقع الاختلاط في الجامعات الأردنية.
المبحث الثاني: أثر الاختلاط التربوي على الفتاة المسلمة في الجامعات الأردنية.
المبحث الثالث: علاج مشكلة الاختلاط.