يوسم المجتمع الاردني بأنه مجتمع فتي, يمثل الشباب الاردني فيه الأكثرية العظمى بين فئات المجتمع, وتصل هذه النسبة الى نحو 76% من السكان ممن تقل أعمارهم عن 30 عاما, ومن هنا كانت الدولة الاردنية الحديثة تعطي اهتماما محوريا متميزا للشباب من حيث توفير الرعاية الشاملة الكاملة المتوازنة لهم, في كافة جوانب حياتهم كناشئين ويافعين وشباب, باعتبارهم الاستثمار المتجدد ونبع العطاء والطاقة الوثابة التي لا تنضب مصادرها.

والاستقلال بالنسبة للشباب يعني ربيع الفصول ونبع الخير وبطاقة الهوية والسيادة الوطنية, مثلما يعني لهم مصدرا للفخار لصنيع الآباء والاجداد, الذين حققوا بتضحياتهم الجمة الحرية والعزة والكبرياء الوطني, مما يعزز انتماءهم الكامل للوطن وولاءهم المطلق للقيادة الهاشمية, ذات الشرعية الدينية والتاريخية والدستورية, هذه الشرعية الممزوجة بالانجاز اللامحدود والتلاحم منقطع النظير بين القيادة والشعب.

ويستذكر الشباب الاردني في عيد استقلال الوطن الاغلى مسيرة الرعاية الشبابية, منذ جهود باني الدولة الاردنية الحديثة, كريمة الجانب ناهدة على دروب التقدم والنماء, المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله ومن فهمه لاهمية الانسان الاردني ودوره في البناء والعطاء, اذ شحت الموارد الطبيعية, واثقل الهم القومي عاتق الوطن, انه لا بد من الاستثمار بالشباب, فكانت رؤاه تتمثل بأن "الانسان اغلى ما نملك". وقد ترجمت الى اهتمام كبير بالانسان الاردني "ثروة الوطن ومصدر نمائه وعزته" بعامة والشباب الأردني بخاصة, حيث أمر بانشاء مؤسسة لرعاية الشباب في عام 1966 وصدر قرارها عام 1968 مثلما تبرع رحمه الله بانشاء مدينة الحسين للشباب, هذا المعلم الشبابي المتميز, وواصل رحمه الله هذه الرعاية باسنادها الى وزارة الثقافة والشباب في عام 1977 ثم أفرزت للشباب وزارة خاصة بهم عام 1984 هدفت لاعداد الشباب اعدادا سليما بالتعاون مع كافة المؤسسات الرسمية والاهلية المعنية بالعمل مع الشباب.

ومنذ تسنم الملك الشاب جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم لسلطاته الدستورية, حرص جلالته على توجيه الحكومات المتعاقبة على وضع الشباب الاردني, على سلم الاولويات الوطنية لتوفير أوفر الخدمات للشباب, لتمكينهم من الاسهام في التنمية الوطنية المستدامة, مثلما حرص جلالته على تعريف الشباب الاردني بخبرات وتجارب الشباب العالمي, حيث عمل جلالته على اصطحاب مجموعة من شباب الاردن المتميزين في اكثر من سفرة - وكذلك فعلت جلالة الملكة رانيا العبدالله المعظمة - بهدف نقل التجربة الشبابية الاردنية, وما تحقق للشباب الاردني من طموحات وتطلعات, وعرض ما لديهم من خبرات وتجارب وتبادل ذلك مع الشباب العربي والدولي.

وقد كان توجيه جلالة الملك المعظم للحكومة في عام 2001 بوضع رعاية الشباب على سلم الاولويات الوطنية, ليتكامل تناغم الدولة الاردنية الحديثة مع معطيات العصر وحركة التغيير العالمي السريعة المتسارعة, بعد ثورة الاتصالات وما تبعها من وفرة المعلومات وسهولة التواصل بين أبناء المجتمع الانساني بكافة فئاته, توج جلالته هذا الجهد الموصول تجاه الشباب الاردني بهذه الرؤية العصرية المتميزة, بصدور الارادة الملكية السامية بانشاء المجلس الاعلى للشباب ليتولى وضع الرؤى والاستراتيجيات الوطنية المتعلقة بالشباب والاشراف على تنفيذها بالشراكة مع مؤسسات الوطن الرسمية والاهلية, وقد انيطت باللجنة الاولمبية الاردنية مسؤولية التخطيط والاشراف على الرياضة التنافسية, ويتفرغ المجلس الى توفير تنشئة متميزة للشاب الاردني, وتنظيم طاقاته وتفعيل مشاركته المجتمعية, مع تعميق الانتماء للوطن والولاء للملك ضمن نمو سليم متوازن لكافة جوانب شخصيته.

والشباب الاردني الذي ينعم بالامن والامان والاعتزاز والكبرياء, في وطننا الغالي وقيادته الشبابية الحكيمة, بات يغبطه الشباب العربي - مع تباين الامكانيات والامكانات - قد تحقق له الكثير الكثير في ظل الاستقلال والحياة الفضلى والحرية, التي كفلها له الهاشميون وتمسك بها الاردنيون كفكر ثابت للثورة العربية الكبرى, فها هي المرافق والمؤسسات الشبابية الحديثة, والمجهزة بأفضل ما يمكن ان يساهم في قيام الشباب بفعالياتهم المتعددة, فهناك خمس مدن رياضية في عمان واربد والزرقاء والكرك والعقبة, وسبعة معسكرات شبابية فيها مرافق شبابية ورياضية متميزة, وعشرة بيوت للشباب يقيم فيها الشباب اثناء تنفيذ انشطتهم وخمسة عشر مجمعا شبابيا رياضيا مزودة بالصالات المغلقة والملاعب المنجلة, و(263) ناديا ثقافيا رياضيا اجتماعيا, و(75) مركزا للشباب والشابات موزعة على امتداد رقعة الوطن.

مثلما يتواصل المجلس وفق اتفاقيات برنامج التبادل الشبابي مع (17) دولة شقيقة وصديقة بهدف تبادل الخبرات والتجارب مع شباب هذه الدول. كما كان الصندوق الوطني لدعم الحركة الشبابية والرياضية مكرمة ملكية سامية في توفير مصادر تمويل لانشاء المرافق الشبابية والرياضية وتغطية نفقات الفعاليات الشبابية, وتأسيس مركز اعداد القيادات الشبابية لتدريب هذه القيادات, وفق افضل السبل العصرية لاعداد قيادات شبابية متميزة وتحسين أداء العاملين مع الشباب.

إن الشباب الأردني اذ يرفع لقائد الوطن ورائد الشباب في ذكرى الاستقلال الوطني العزيزة, أسمى آيات الثناء والتقدير على جمائل صنيعه وأياديه البيضاء, في توفير رعاية شبابية متميزة لهم, واذ هم محط هذه الرعاية الفائقة, ليعاهدون الله والوطن ورائدهم بأن يكونوا عند حسن ظن الوطن يتحملون المسؤولية الكاملة تجاه وطنهم, حماة لمكتسبات الاستقلال, وبناة لحاضره الزاهر فاعلين ومتفاعلين ومؤثرين, وصناعا لمستقبله الزاهر العزيز بإذن الله. ويعاهدون جلالته بأن يكونوا كما هي رؤاه عمال بناء لا هدم, مبدعين متميزين متمكنين بأخذ كل مبادرة فيها خيرهم وخير وطنهم, وعلى ولاء الآباء والاجداد للهاشميين سادرون, يبادلونهم الحب بالحب والوفاء بالوفاء.. وكل عام والوطن وقائده والاردنيون جميعا بألف خير وهناء وعزة ونماء.