النحو خلاصة علوم العرب منتدى اربد
لونك المفضل
الألوان

منتدى شملت والنيه اربد



كلمات دليلية:

النحو خلاصة علوم العرب منتدى اربد Emptyالنحو خلاصة علوم العرب منتدى اربد

ahlam
ahlam
vip
vip
 نُشر في الأحد 19 ديسمبر 2010 - 0:59



لا يخفى على المهتمين بالدراسات والأبحاث اللغوية أن للنحو منزلة مقدمة من علوم هذه اللغة فهو كما يقول عباس حسن في مقدمة كتابه "اللغة والنحو بين القديم والحديث": «وسيلة المستعرب وذخيرة اللغوي وعماد البلاغة، وأداء المشرع المجتهد، والمدخل إلى العلوم العربية والإسلامية جميعاً». ولهذا تفرغ له العلماء من أسلافنا يجمعون أصولهم ويثبتون قواعده ويرفعون بنيانه شامخا، فخلفوا لنا فيه تراثا غزيرا ما زال يحظى بالدراسة والبحث إلى يومنا هذا وكانت الدراسات النحوية في بدايتها شفوية بسيطة لا تعدوا أن تكون عبارة عن ملاحظات تتم خلال مدارسة القرآن، وما نشأ عنها من تساؤلات ومناقشات، ثم نمت وتدرجت شيئا فشيئا إلى أن وصلت مرحلة النضج والكمال. «الدارس يجد في قصة أبي الأسود الدؤلي مع الإمام علي حين شكا له لحن ابنته، وما سمعه من الناس بداية للتنبه إلى اللحن بوصفه ظاهرة متفشية في الناس. وعلى هذا يمكن أن نعد هذه البداية منطلقا لتحويل دلالة لحن إلى معنى الخطإ في الكلام، ويلاحظ أن التصنيف في اللحن كان مبكراً، إذ كان مرافقا لتدوين العربية على أيدي النحاة واللغويين. ومن المعروف أن أهم أسباب التدوين، هو الخوف على العربية الذي شاع بإقليم العراق قاعدة الخلافة شيوعا مروعا. ومن هنا نجد أن معظم أهل اللغة كانت لهم رسائل وتصانيف في اللحن بدءًا من الكسائي والفراء والأصمعي وأبي عبيد القاسم بن سلام وغيرهم»([23]).

فغاية النحو إذا تقويم اللسان والقلم، والبعد عن اللحن، ولا تتحقق هذه الغاية في المتعلم إلا إذا اكتسب ملكة اللغة، لأنها كما يقول العلامة ابن خلدون " هي عبارة المتكلم عن مقصوده. وتلك العبارة فعل لساني، فلا بد أن تصير ملكة متقررة في العضو الفاعل لها، وهي اللسان وهو في كل أمة بحسب اصطلاحاتهم، وكانت الملكة الحاصلة للعرب من ذلك أحسن الملكات وأوضحها إبانة عن المقاصد لدلالة غير الكلمات فيها على كثير من المعاني..."([24]).

وكان في بدايته تعليميا بسيطا ميسرا يعتمد على الصحيح المروي على ألسنة الفصحاء من العرب، كما كان الغرض منه ضبط اللغة بأقل القواعد وأسلمها وأيسرها حرصا عليها وتخفيفا على الناس الذين أحبوها وتعلقوا بها وفضلوها على غيرها وأرادوا أن يتحدثوا بها خالية من اللحن، فكانت الخطوات الأولى للدرس النحوي تتصل اتصالا مباشرا بالقرآن الكريم، إذ قامت لخدمته، وحمايته من اللحن والتصحيف، ثم تطورت فشملت بلاغته وإعجازه، وتعدت لدراسة تأويله وتفسيره، ثم دراسته دراسة صوتية لمعرفة مخارج الحروف وتأثير بعضها في بعض. وبالنظر إلى كتاب سيبويه باعتباره أول كتاب في نحو العربية يصل إلينا نجده يشتمل على هذه العلوم جميعا - وإن لم يسمها - ففي الكتاب نحو من أربعمائة آية قرآنية يسوقها سيبويه للتدليل على بعض قواعد النحو أو طرق التعبير والأساليب اللغوية المتبعة([25])، وفيه إسناد لعدد غير قليل من أئمة اللغة ورواتها وعلماء الأدب والقراءات([26]). والمشهود عن كتاب سيبويه أنه تام الصنعة في شموله وعمقه ودقة مصطلحه. قال عنه أبو عثمان بكر بن محمد المازني المتوفى سنة 249 ﻫ: «من أراد أن يعمل كتابا كبيرا في النحو بعد كتاب سيبويه فليستحي»([27])، وقال صاعد بن أحمد الجياني الأندلسي: «لا أعرف كتابا ألف في علم من العلوم قديمها وحديثها فاشتمل على جميع ذلك العلم وأحاط بأجزاء ذلك الفن غير ثلاثة كتب:

أحدها : المجسطي لبطليموس في علم هيئة الأفلاك .

والثاني : كتاب أرسطوطاليس في علم المنطق.

والثالث: كتاب سيبويه البصري النحوي.

فإن كل واحد من هذه لم يشذ عنه من أصول فنه شيء إلا ما لا خطر له»([28]).

ويرى الدكتور حسين ظاظا «أن سيبويه كان عالما بالعربية، ويبدو مع ذلك في كل خطوة من خطوات نقاشه النحوي وكأنه طوال حياته قد بقي تلميذا لا أستاذا وسائلا لا مجيبا، ومستفهما لا مفتيا. ومن هنا يبدو عمله النحوي العظيم "الكتاب" للقارئ السطحي غير الصابر على مسالك العربية وأسرارها، دسما إلى درجة تحتاج إلى جهد كبير في الهضم. كان سيبويه منطقيا، وكان يحاول أن يتلمس في داخل كلام العرب كله، وفي ثنايا نظامهم في صياغة الجمل وسبك الأساليب، وحدة فكرية متماسكة تضم كل الأطراف البعيدة، وتنتظم في سمطها أدق الدقائق، وأشد التفاصيل لطفا وخفاء. كان كتابه هو الاستجابة الحقيقية لاستنجاد اللغة العربية وهي تخوض السباق الرهيب مع الفكر والحضارة في أوجهما، وكان الكتاب قديراً على ذلك. كان ثروة شاملة في التأليف اللغوي في داخل الحضارة العربية، وكان أيضا دستورا يسير عليه النحاة العرب بعد سيبويه، بإعجاب وطاعة ووفاء من السواد الأعظم منهم في البصرة وبغداد والموصل، ونيسابور والري وقم وأصفهان والأهواز وشيراز والقاهرة والقيروان وفاس وقرطبة وطليطلة وسرقسطة... لكن معجزة سيبويه لا تتم كامل تألقها الشامخ الباهر إلا عندما نرى أثره في تسجيل اليهود لقواعد لغتهم العبرية، ولأول مرة في تاريخهم الطويل، متتلمذين هم أيضا على "الكتاب" وآخذين منهجه بحذافيره»([29]).

أما عن صعوبة "الكتاب" ومضمونه فهذا أمر لا جدال فيه لأنه يحتاج إلى استعداد ذهني قوي وهو أمر لا يتأتى لكل واحد، فقد قال أبو عثمان المازني: «قرأ علي رجل كتاب سيبويه في مدة طويلة، فلما بلغ آخره قال لي: أما أنت فجزاك الله خيرا، وأما أنا فما فهمت منه حرفا»([30])؛ ورغم ذلك فقد فرض كتاب سيبويه نفسه حتى على الكوفة التي ناصبته العداء وتحزبت ضده، فاضطر نحاتها إلى دراسته وشرحه والاستعانة بما فيه من دفائن أسرار العربية، ثم النسج على منواله، واقتباس ترتيبه وتبويبه فيما حاولوا تقييده من قواعد العربية في كتبهم([31]).

فالكسائي أحد زعماء مدرسة الكوفة قرأ كتاب سيبويه على الأخفش سرا، والفراء مات وكتاب سيبويه تحت وسادته مع أنهما كانا يخالفان مذهب سيبويه حتى في ألقاب الأعراب وتسمية الحروف([32]). وفي نفس الوقت لم ينج من انتقادات كان آخرها ما طلع علينا في السنوات الأخيرة من طرف المهندس اللبناني "زكريا أوزون" في كتابه "جناية سيبويه" يحمله فيه وزر تعقيد بل تبليد النحو العربي، وقد صدر الكتاب عن دار الرياض الريس للنشر سنة 2002 م([33]).
remove_circleمواضيع مماثلة

اعلانات نصية